تحية الصباح: رحيل الفهد..!!

قبل سنوات  عديدة ، في غروب بحري جميل، التقيته … لحية بيضاء ، عينان كعيني الصقر …على صخرة كان يجلس… نصف رجليه في ماء البحر.. وثمة قصبة لصيد السمك.. وشرود ذكي..!! تذكرت أنني شاهدت هذا الوجه، في التلفاز ربما ..!! سألت أحد أصحاب الأكشاك القريبة سؤال المتأكد: (أليس هذا الرجل حيدر حيدر..؟!) وأجابني بالإيجاب، اقتربت منه بحذر…

كنا قد قرأنا له بعض القصص، ومنها واحدة في المنهاج الدراسي للصف الثاني الثانوي  الأدبي، و خصص لها المرحوم الأستاذ اسبر باسيل درسا ً بأكمله ليشرح مضمونها ..!!.أصبحت على بعد متر منه ، توقفت .. نظر نحوي التقت عيناي بعينيه ألقيت التحية فرد مستغربا ً ..!!

عرفته على نفسي وعلى الفور رد “حيدر حيدر” .

“أعرف هذا.. لعل حظي اليوم هو الأسعد.. لأنني سمعت عنك الكثير.. وقرأت بعض قصصك.. أنت ، ثروة وطنية أدبية..!!).

طلب مني الجلوس ورحنا نتحدث للأسف لم يكن لدي “كاميرا” لأوثق اللقاء الجميل مع أحد أعمدة الرواية العربية .

قال لي إنه بشكل يومي يأتي من تلك البلدة، وأشار بيده إلى جبل مرتفع شرقي البحر..”حصين البحر” ليمضي عدة ساعات هنا، يسبح يمارس التأمل ، يلتقي بعض الأصدقاء الذين يقتحمون عزلته، فالعشرون سنة الأخيرة كانت أيام عزلته في بلدته وعلى الشاطئ المجاور          ” شاطئ البصيرة” الذي يمشي إليه جيئة وذهابا ً .

قلت له إن أبي رحمه الله قد ابتاع روايته ” الفهد” وقد أخذنا إلى السينما عدة مرات لنحضر فيلم ” الفهد” و يروي حياة الثائر القروي أبو علي شاهين الذي أخرجه نبيل المالح تحدثنا عن الفيلم وكان رأيه أن ثورة الفرد قد تتطور لتصبح ثورة جماعية ضد المحتل والطغيان والاستبداد… وقال لي يومها إنه أحصى أكثر من عشر أهزوجات تتحدث عن بطولة “الفهد” أي أبو علي شاهين ، في مختلف الأرياف، لاسيما ريف حماة فالفهد (الاسم الذي أطلقه حيدر على أبو علي شاهين) عاش في قرى غرب حماة في الشيخ غضبان والزاملية وجوار سلحب وسيغاتا وعين الكروم وغيرها .

حيدر حيدر ، نال شهرة واسعة وترجمت بعض أعماله إلى عدة لغات .

التحق بالثورة الفلسطينية في بيروت وعمل في قبرص محرراً صحفياً،ومارس التعليم في الجزائر..!! كتب رواية وليمة لأعشاب البحر ونالت شهرة واسعة…

الجمعة الخامس من أيار عام ثلاثة وعشرين وألفين.. أغمض حيدر حيدر عينيه للمرة الأخيرة في “حصين البحر” التي ارتبط اسمها باسمه.. كما ارتبط اسمها بالمبدع المسرحي الراحل “سعد الله ونوس”..!!

عيسى إسماعيل

 

 

 

المزيد...
آخر الأخبار