الكتابة للأطفال ليست سهلة ولا هي تسلية بل تحتاج ليس فقط إلى موهبة ,وإنما إلى دراية بعالم الطفل,وخبرة طويلة وعميقة في طرق التعامل معه خاصة وأن الطفل هو ركيزة المجتمع الاولى بوصفه حاضر الأمة ومستقبلها ,هذا ما يؤكد عليه جواب الكاتب العالمي صموئيل على سؤال :لماذا لا تكتب للأطفال ,فأجاب لأنني لم أنضج بعد ..جوابه هذا وهو الاديب العالمي يدل على إدراكه لصعوبة الكتابة للأطفال. هذا ما بدأت به السيدة أميمة ابراهيم محاضرتها عن واقع أدب الأطفال في فرع اتحاد الكتاب العرب في حمص .
اعتبارات يجب ان تتوفر
وأضافت :لا بد لأديب الاطفال أن يتمتع بثلاثة اعتبارات :أولها الاعتبار السيكولوجي النفسي لفهم شخصية الطفل . والثاني اعتبار ثقافي معرفي ,والثالث اعتبار فني يتعلق بالجنس الادبي الذي يكتبه.فلا بد من خصوصية يتمتع بها من يكتب للأطفال إضافة لموهبته ,صفاته ,أخلاقه ,تربيته ,محبته للأطفال ,فمن لا يحب الطفل لا يمكنه الكتابة للأطفال فهو بحاجة للتواصل الدائم مع عالمهم.ومن لا يمتلك قلب طفل لا يستطيع الكتابة للطفل أو عنه ,فالكتابة للطفل لها خصوصيتها كونها تتوجه إلى عقول في طور التفتح والنضج, وتغرس فيها قيما جمالية ومعرفية ووطنية,وهي مسؤولية يجب أن يحملها الكاتب بأمانة وشرف, ليتمكن من تقديم الأفضل لأطفالنا, كما تتطلب اتقان التعامل مع اللغة ببساطة وسهولة,وامتلاك خيال واسع وغني ,وخبرة تربوية مناسبة تؤهله الدخول إلى عالم الطفل والتماهي معه .
خبرة
وتضيف الكاتبة أميمة إبراهيم المعروفة بنتاجاتها الادبية الكثيرة للأطفال فتحدثنا عن تجربتها الشخصية في هذا المجال بالقول: لقد أتاحت لي منابرمنظمة طلائع البعث أن ألتقي بأطفال بلدي في كل محافظات سورية ,واستطعت ان أحاورهم, وتمكنت من معرفة قاموسهم اللغوي من هنا استطعت ان أمرر لهم بعض الكلمات الجديدة التي تكون أعلى من مستوى قدراتهم ,لكنهم قادرون على أن يفهموها من خلال السياق العام للقصة أو القصيدة ,وهذا يصب في تنمية مقدرتهم اللغوية, لنزرع في قلوبهم الغضة شتلات المحبة والخير والجمال.
أهمية الملتقيات الطفلية
وتضيف:على الكاتب للأطفال أن يلتقي مع الكتاب الآخرين مثلما يلتقي مع الاطفال لتبادل الخبرات ,فالطفل متلق واع وناقد على درجة عالية من الوعي,ومخطىء كل من يظن أن الطفل ساذج, وأنه متلق سلبي يكتفي بالسماع,إنه يفهم ما يطرح عليه ويناقش وهو قادر على اكتشاف ما بين السطور واستنباط القيم المختلفة ,من هنا توصف اللقاءات مع الاطفال بأنها عملية تربوية ثقافية تسهم في إثراء ثقافة الطفل وتنمي لديه حب اللغة ,وتوسع مداركه اللغوية والثقافية وتجعله أكثر قدرة على تذوق النتاج الادبي المقدم إليه وتتيح للأديب أن يعرف وجهة نظر الطفل بالنص المطروح أمامه ,وإن كانت اللغة مناسبة لعمره,هل شعر بالملل أم بالمتعة والإثارة.
تشجيع الكتابة للاطفال
وتضيف المحاضرة إن مكتبة الأدب السوري تزخر بمئات المؤلفات القصصية الرائعة التي كان لها حضورها البهي في عالم الطفولة , والتي استطاعت بما احتوته من مادة تناسب الطفل أن تحتل مكانتها الحقيقية رغم كل التقصير الحاصل في دعم الأدباء الذين يكتبون للأطفال و يجب أن نشجع الأدباء الذين يكتبون للأطفال بما يتلاءم مع معطيات التقانات الحديثة والعصر ,كما يجب ايجاد قنوات لتبادل الخبرات في مجال الاعداد لورش ثقافية بأدب الاطفال .وضرورة تضافر جهود المجتمع كله بداية من الاسرة إلى المدرسة والمؤسسات التربوية والثقافية ووسائل النشر والإعلام للعمل على توفير منابر إعلامية خاصة بالاطفال .
وبينت الأديبة أميمة ابراهيم أنه يجب إصدار إبداعات الادباء وايصالها إلى الاطفال أينما كانوا في البيوت والمدارس من خلال برنامج نشر على مستوى عال تدعمه هيئة وطنية كبرى.
تدريس أدب الاطفال في كليات التربية
واقترحت المحاضرة ضرورة تدريس أدب الاطفال في كليات التربية والآداب بما يسهم في فتح آفاق رحبة للإنطلاق في هذا المجال,وفي تشجيع الادباء على الكتابة للطفل دون استسهال.وبينت أنه من المهم ألا يشعر أديب الاطفال أنه مهمش في الندوات والأمسيات واللقاءات والبرامج التلفزيونية,حيث يشعر بعض الادباء بالغبن وهذا ينعكس على نتاجهم سلباً,ولأن الأطفال يقرؤون ويفرحون بالكتاب …دعونا نلتزم بتأصيل عادة إهداء كتاب «طفلي» للأطفال في المناسبات مجانا ,وأن تتبنى ذلك أي جهة وطنية وأن يكون هناك تعاون بين منظمة طلائع البعث و اتحاد الكتاب العرب في هذا المجال.
ميمونة العلي
المزيد...